هل يقبل عقلك الذهاب مع قافلة لا تعلم إلى أين تمضي؟

هل يقبل عقلك الذهاب مع قافلة لا تعلم إلى أين تمضي؟

هل يقبل عقلك الذهاب مع قافلة لا تعلم إلى أين تمضي؟ 

سأل أحد الحكماء مجموعة من تلاميذه قائلًا:

هل يقبل عقلك الذهاب مع قافلة لا تعلم إلى أين تمضي؟

الرتابة طريق البلاهة والجمود العقلي

تشغلنا الحياة عن أمور كثيرة أهمها السؤال: إلى أين؟
يمضي العمر ونحن نلهث وراء تأمين ضروريات الحياة اللازمة، حيث تأخذنا المسؤوليات إلى العمل بصورة مستمرة دون توقف، مما يؤدي دخولنا في حالة من الإرهاق والتعب، سواء كان تعب فكري أو جسدي، وتلك الحالة بدورها تجعلنا نرغب في الحصول على بعض الراحة دون عمل أي مجهود، فلا نجد سوى الهاتف المحمول ليكون رفيقنا المقرب أثناء قضاءنا تلك الاستراحة…


استخدام المحمول المتواصل كفيل بأن  يدخل العقل في حالة جمود تؤثر على وظائف الحواس بأكملها، تجعلنا نعيش على وتيرة محددة نفقد من خلالها طعم ورائحة كل ما يحيط بنا من أحداث!

كل الأشخاص التي حولنا تختفي ملامحها، ويتشابه الجميع لتتحول الحياة إلى صورة ضبابية باهتة بلا ألوان مجردة من أي مشاعر، وكل موقف يصبح مثيل الآخر جامد بلا أدنى فكرة جديدة، فتكون الهواية المفضلة لدينا ركوب الأمواج دون أدنى تفكير، وذلك لتجنب أي صعاب قد تنشأ في حال حاولنا السباحة عكس التيار. 

الملل يقود إلى التغيير العشوائي

معظمنا يستسلم لحالة الجمود العقلي التي وصل إليها، لكن ما يحدث أحيانًا أن المرء منّا قد ينتابه الشعور بالملل فيتعلق بأي شيءٍ يسحبه مما هو فيه، ينساق له دون تفكير ليمضي معه إلى أي مكان غير المكان المتواجد فيه، وإلى بيئة مختلفة عن البيئة التي يعيش داخلها، المهم الهروب من تلك الحالة دون تفكير أو أي مجهود عقلي يُذكر لما يصل إليه من نتائج!

كل ما يريده الشخص من عملية الهروب تلك أن يخرج إلى عالم آخر…


يهرب المرء إلى عالم غريب عنه يجد من خلاله ما يصبو إليه من تشويق وإثارة، حيث غلبه الملل فقاده ذلك إلى الفضول والمغامرة، ومنه إلى استغلال كل طاقة تفكيره بهذا العالم الجديد -عالم التغيير العشوائي- الذي يكفي لأن يتحرك لتحويله إلى عالم واقعي، عالم يعيشه بكافة الحواس وكامل الشعور، المهم كسر الرتابة والقضاء على الملل عن طريق الحصول على بعض التغيير، حتى وإن كان تغيير عشوائي بعيد عن الدراسة والتخطيط.

لكن إلى أين!؟

إلى أين؟ هذا السؤال يجب أن يكون في الواجهة الفكرية للبحث على إجابة واضحة وضوح الشمس…

علينا أن نسأل أنفسنا بشكل مستمر: نحن إلى أين نمضي؟ إلى أين نذهب؟ إلى أين نجري؟ إلى أين نهرب؟ 

جيد جدًا أن نقوم بالتغييرات بين الآونة والأخرى بشريطة أن يكون التغيير نحو الأفضل لتكون الحياة معنا أفضل، لكن لا تتوقع أن تكون الحياة كذلك وأنت مثلا تمضي نحو الهاوية، باعتبار أن كل تصرف يخالف الشريعة والقانون نهايته حتمًا لن تكون جيدة.


 يجب دراسة أي فكرة جيدًا قبل أن تشغل عقلك بها، كي لا تهدر قواك الفكرية والجسدية والنفسية في أمور قد تصل بك إلى أقصى درجات الندم وإلى مستوى عالٍ من الألم، أما الأسوأ فهو أن تكون مدرك لما ماضٍ به من نهاية سيئة متجاهلًا كل التحذيرات، ثم تبقى على قدر كبير من الإصرار للمتابعة، فقط لمجرد الحصول على التغيير وتجربة ما يسمى بالمغامرة والإثارة! 


من الأفعال الضارة التي يقوم بها المرء في حقه الشخصي هي المضي بأي تغيير، سواء كان اجتماعي أو مهني دون معرفة إلى أين يتجه هذا التغيير لمجرد أن الأغلبية تقوم به!

وتلك الأخطاء تكاثرت بعد دخولنا مرحلة الثبات الفكري والاعتماد على أفكار الآخرين المطروحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.

رفيق الراحة عدو المستقبل

ما قصده الحكيم في سؤاله السابق أن المرء عندما يتبع مجموعة من البشر في تصرفاتهم وأفعالهم دون التفكير بعقلانية أو أي دراسة منطقية لما هو مقدم عليه، وإلى أين سيوصله ذاك الأمر مكتفيًا بما رأى أمامه، سائرًا خلف المجموعة بلا أي عذاب فكري أو دون أي مجهود عقلي يُذكر! معتقدًا أن ما فعله هو الصواب بينما يكون قد رمى بنفسه إلى المجهول! هو مؤكد لم يستخدم عقله في تحديد مصيره…


 العقل البشري من الأعضاء التي تميز بها الإنسان عن غيره من المخلوقات، والله تعالى أنعم علينا بتلك القدرة كي نعمل بها بطريقة مستمرة، وأي فعل يقوم به المرء دون السؤال والمعرفة سيكون مجرد تقليد قد لا يناسب نمط شخصيته

والبيئة التي يعيش داخلها ولا الظروف التي يمر بها في الحياة. 


كل شخص على هذا الكوكب يملك إحداثيات نفسية وفكرية مختلفة عن الآخر، وما يناسب أحدهم قد لا يناسب الآخر بأي شكل من الأشكال، والتغيير الذي يطرأ على مجموعة من الأشخاص ليس بالضرورة أن يحصل للجميع…

هناك دائمًا أسباب شخصية تجعل كل فرد مختلف عن الآخر بطريقة تفكيره، والشخص الذي يضع نفسه داخل دائرة الراحة سوف يخوض معارك خاسرة في المستقبل. 


للاستماع إلى المقال اضغط هنا

لقراءة باقي المقالات اضغط هنا

الإصدارات الأدبية للمؤلفة نور شحط

للمتابعة على قناة اليوتيوب 

تعليقات