كتاب لمبة واحدة لا تكفي _صراع العقول _إلى أين؟!

كتاب لمبة واحدة لا تكفي _صراع العقول _إلى أين؟!

كتاب لمبة واحدة لا تكفي _صراع العقول _إلى أين؟!


 سأل أحد الحكماء مجموعة من تلاميذه قائلًا:

"هل يقبل عقلك أن تذهب مع قافلة لا تعلم إلى أين تمضي؟

إن كان جوابك نعم فاسمح لي أن أصفك بذي عقل ناقص!

أما إن كان الجواب لا، فأنت إنسان عاقل".


قد تشغلنا الحياة عن أمور كثيرة أهمها السؤال: إلى أين؟

يمضي بنا العمر ونحن نلهث وراء تأمين مستلزمات الحياة الضرورية

حيث تأخذنا المسؤوليات إلى العمل بصورة مستمرة دون توقف

مما يسمح للتعب أن يكون رفيقنا اليومي، سواء كان تعب فكري أو جسدي

وهذا الرفيق كفيل بأن  يدخل العقل في حالة جمود تؤثر على عمل كافة الحواس بصورة سليمة!


فنعيش على وتيرة محددة تفقد من خلالها طعم ورائحة كل ما يحيط بك من أحداث!

كل شيء يصبح شبه الآخر وكل الأشخاص التي حولنا تختفي ملامحها 

فيتشابه الجميع لتكون الصورة ضبابية باهتة لا روح فيها ولا ألوان... 


الجمود الفكري يؤثر على طبيعة القرارات التي نتخذها في جميع المجالات

ومنها ينعكس على أسلوب العيش الذي نطبقه في حياتنا اليومية.


فئة كبيرة من البشر استسلمت للحالة التي وصلت إليها من جمود، فالحياة هنا عليها أن تسير على الطريق الذي رسمته الظروف والمعتقدات الهزيلة التي أتت من تجارب الأجداد، غير مبالين بقيمة التغيير الذي طرأ على الزمان والمكان! بعد أن ترسخت في عقول تلك الجماعة فكرة أن أي شخص يحيد عن ذاك المسار سيدفع الثمن غاليًا! مما مضى بهم إلى اختيار الموجود واعتباره الأفضل، وعدم التكبد بالمزيد من التعب من أجل القيام ببعض التغيير.


وهناك قلة من البشر تبحث عن الجديد الذي يخرجها من تلك الحالة، فلا يصدق المرء أنه أتى شيء جديد يسحبه عما هو فيه، فينساق له دون تفكير ليمضي معه إلى أي مكان غير المكان المتواجد فيه، وحتى أحيانا كثيرة غير الزمان الذي يعيشه... أشبه بالدخول في تمرد النهاية فيه غير معروفة، اللهم التغيير والباقي غير مهم!


كل ما يريده فقط أن يخرج إلى عالم آخر عالم غريب عنه، لطالما الفضول شغل فكره بهذا العالم -عالم التغيير- الذي أخذ من التفكير والوقت ما يكفي لأن يتحرك لتحويله إلى عالم واقعي عالم يعيشه بكافة الحواس وكامل الشعور، المهم كسر الرتابة والقضاء على الملل  عن طريق الحصول على بعض التغيير...

 لكن إلى أين!؟


هنا السؤال يجب أن يأخذ حقه في المعرفة، إلى أين نمضي؟ إلى أين نذهب؟ إلى أين نجري؟ إلى أين نهرب؟ 

حساب قيمة النتائج قبل تنفيذ فكرة التغيير أسهل بكثير من حساب قيمة المصائب التي قد تحدث بعدها.

جيد جدًا أن نقوم بالتغييرات بين الآونة والأخرى بشريطة أن يكون التغيير نحو الأفضل لتكون الحياة معنا أفضل، لكن لا تتوقع أن تكون الحياة كذلك وأنت مثلا تمضي نحو الهاوية، باعتبار أن كل تصرف يخالف الشريعة والقانون نهايته الهاوية.

ومن السيء أن يمضي المرء بأي تغيير سواء كان اجتماعي أو مهني أو شخصي لمجرد أن الأغلبية تقوم به دون معرفة إلى أين يتجه هذا التغيير!


 يجب دراسة أي فكرة جيدًا قبل أن تشغل عقلك بها، كي لا تهدر قواك الفكرية والجسدية والنفسية في أمور قد تصل بك إلى أقصى درجات الندم وإلى مستوى عالي من الألم، أما الأسوأ فهو أن تكون مدرك لما ماضٍ به من نهاية سيئة متجاهلًا كل التحذيرات ثم تبقى على قدر كبير من الإصرار للمتابعة، فقط لمجرد الحصول على التغيير وتجربة ما يسمى بالمغامرة والإثارة! 

يجب دراسة أي فكرة جديدة كانت أم قديمة قبل المضي بها وتنفيذها

ما قصده الحكيم  في سؤاله السابق لتلامذته، أن المرء عندما يتبع مجموعة من البشر في تصرفاتهم وأفعالهم دون التفكير بعقلانية أو أي دراسة منطقية لما هو مقدم عليه، وإلى أين سيوصله ذاك الأمر!

مكتفي بما رأى أمامه سائر خلف المجموعة بلا أي عذاب فكري أو  دون أي مجهود عقلي يُذكر...

معتقدا أن ما فعله هو الصحيح، بينما يكون قد رمى بنفسه إلى المجهول! هو مؤكد شخص لم يستخدم عقله.


ولأن العقل البشري من الأعضاء التي تميز بها الإنسان عن غيره من المخلوقات، أردف الحكيم عبارة (عقل ناقص) مشيرا عن كائن حيّ غير الإنسان ألا وهو الحيوان، وكي يكون لبق مع تلامذته لم يذكر كلمة حيوان بشكل مباشر بل اكتفى بما قال من عبارته السابقة كي يشير إلى أن المرء عندما يقوم بأي فعل كان دون السؤال والمعرفة سيكون عقله ناقص مثل عقل الحيوان.


الحيوان يملك عقل يختلف عن عقل الإنسان حيث أنه يفتقر إلى التفكير المنطقي

لا لإنه يرغب بذلك بل لأنه لا يملك القدرات الفكرية التي يملكها الإنسان

فيكتفي بعملية التقليد وأفعال الفطرة التي تكاثر عليها وعاش الحياة من خلالها.


لمبة واحدة لا تكفي

كتاب تنمية من مؤلفات الأديبة والكاتبة الروائية نور شحط


لسماع الكتاب على قناة اليوتيوب اضغط هنا 

يمكنكم طلب الكتاب من موقع نيل وفرات لبيع الكتب اون لاين  

الكتاب من إصدار مؤسسة هبة بنداري للتنمية دار واو للنشر والتوزيع في مصر.


تعليقات