شهر رمضان المبارك في رواية عاشت حلب

 

شهر رمضان المبارك في رواية عاشت حلب

شهر رمضان المبارك في رواية عاشت حلب


من روعة الحياة أن تأتي لحظات سكينة بمقدورها مسح ما أفسدته الأحزان

وهذه اللحظات لا تأتي إلا من التواصل مع الله تعالى

وحدها العبادة بمقدورها أن تفعل ذلك، والتي تعد العلاج الوحيد للآلام المسرطنة في خلايا الأمل

لكن للأسف لم نستطيع الحصول على تلك اللحظات الثمينة مؤخرًا

رحنا مشغولون بالركض وراء لقمة العيش، ودخلنا سباق شاق لم يترك لنا نفس

لقد مرت علينا أيام مليئة بالتحديات، والكثير منّا استسلم لليأس بعدما عاشوا شهر رمضان المبارك

وعيد الفطر بقسوة وضنك لم يمر على أهالي المدينة من قبل.

كل شيئ مفقود، حتى وإن وُجد!

الحصول عليه أشبه بمعجزة

حينها كانت أصابع الحصار متشابكة جداً حول المدينة بحيث النملة لا تستطيع النفاذ خلالها

وما حاجتنا لنملة؟!

بالرغم من أن تواجد النمل في المنزل دليل الى رزقٍ قادم هكذا يُقال...

ولكن كيف سَيأتي النمل !! وعلى ماذا يأتي؟


لم يعد يوجد في المنزل أي صنف يؤكل يستدعي وجود النمل! فالمُؤن من أرز، عدس وبرغل انتهت…

لقد أصبحنا نبتاع مستلزمات الطبخ كل يوم بيومه من أجل إعداد وجبة طعام

ونأكل وفق المواد والمعدات الموجودة عند محلات البقالة، لا مجال هنا للخيارات!

فإن وجد أرز أو برغل مع العدس كان الطعام مجدرة

أما وإن وجد البرغل لوحده كانت وجبة الإفطار برغل فرنجي لكن دون بندورة

وإن لم يتوفر شيء تكون المعكرونة الوجبة الرابحة في تلك الجولة.

أن تستطيع العيش بما تملك من إمكانيات وقدرات

خير لك من أن تموت وأنت حي! 

حتى طريقة شربنا الشاي تغيرت، لقد بتنا نشربه بلا تحلية حفاظاً على نسبة السكر في الدم وعلى الصحة العامة!

في البداية كنّا نشربه بامتعاض دون التمتع بمذاقه، لكن مرة بعد مرة اعتدنا على ذلك

ثمّ إِكتشفنا أن مذاق الشاي أكثر لذة دون إضافات

لقد ظهرت نكهته الحقيقية التي كانت ضائعة مع ذرات السكر...

ولمَ السكر أصلا! لماذا لا يضاف على الشاي قرفة أو كمون أو أي نوع من البهارات

لمَ هذا العنصر بالتحديد؟!

هناك عادات يعمل بها المرء دون أدنى تفكير!

يمارسها باستمرار حتى تتحول إلى جزء من حياته اليومية…

وعندما يتركها يكتشف الحياة كما لو لم تكن من قبل.

خلال المحنة التي مررنا بها تمكّنا من تغيير بعض تلك العادات بل أعظمها لم يعد ضمن ما نفعله

إذ تم الإستغناء عنها بسهولة كما تمّ الإستغناء عن أشياء كثيرة لم تعد ضرورية في هذا الوقت،

هي كانت تتحكم بنا مثل صورة مقيدة بإطار محبوسة داخله، وهذا الإطار يغطي جزء كبير من الصورة!

القوة هي إمكانية العيش في ظروف إستثنائية، والتأقلم بشكل سليم على أي وضع جديد

سواء كان هذا التغيير نحو الأفضل أو الأسوأ... لا فرق.

في تأملاتي الغير مسبوقة استنتجت أن الحرب للفقراء فقط

فهم وحدهم يقاتلون من أجل الحصول على لقمة العيش

هم وحدهم الذين يناضلون بكل ما يملكون من صبر كي يستطيعوا الاستمرار في خوض المعارك التي لا تنتهي

الفقراء يدفعون بأحلامهم إلى أرض المعركة فإما تموت فيها أو تخرج منها مبتورة…


بينما الغني يجلس في حصنه الحصين بألف خير طالما يملك المال لشراء ما يريد

يكتفي بمراقبة ما يحصل في الساحة دون الحاجة للنزول إليها

أو بمقدوره بكل بساطة أن يخرج من الحرب رافع الراية البيضاء ليتابع حياته في مكان آخر

وعلى أرض بعيدة لا معارك فيها ولا قتال. 


إلا في حالات نادرة لا يمكن نكرانها، كما حصل في شهر رمضان الفائت

حيث استطاعت الحرب أن تجعل جميع الطبقات متقاربة من بعضها

الجميع كان يبدأ يومه وهو جائع، الجميع احتار ماذا يقتات على الإفطار

لا قيمة للنقود هنا إن لم يتوفر ما تريد!

الجميع صبر إلى حد الملل من الصبر

الجميع حاول الصمود أمام الجوع والحرمان من المأكولات الرمضانية

الجميع لديه حكايات تحمل ذات القصة لكن بأسماء مختلفة…


وأينما كنا، شئنا أم أبينا كانت الحال واحدة والمصير واحد

وماذا نملك؟!

الواقع لا نملك سوى مواساة بعضنا البعض في لحظات الحزن والخذلان

وتلك المواساة كانت كفيلة أن تضرب آمالنا بكل المقاييس عرض الحائط .  


عاشت حلب

رواية اجتماعية من مؤلفات الأديبة والكاتبة الروائية

نور شحط

لسماع الرواية كاملة على قناة اليوتيوب 

اضغط هنا

رواية عاشت حلب من إصدار دار الحامد للنشر والتوزيع في الأردن

لعام 2017


يمكنكم قراءة الرواية بعد تحميلها مباشرة من الرابط أدناه

رابط تحميل الرواية


تعليقات