المواطن السوري بعد التحرير (الحالة النفسية والمهام) | مقال رأي

المواطن السوري بعد التحرير (الحالة النفسية والمهام)

المواطن السوري بعد التحرير (الحالة النفسية والمهام) 


 شهدت سوريا في أواخر عام 2024 تغيير سياسي ملحوظ لدى الشعب السوري

من خلال أيام متتابعة أدت إلى انهيار وسقوط نظام الحكم القديم الذي حكم البلاد لمدة تفوق الخمسين عام…


الحالة النفسية للمواطن السوري بعد التحرير

بعد ثورة التحرير دخل المواطن السوري في دوامة من الاختلال النفسي

بسبب التناقض في مشاعره خلال فترة وجيزة من الزمن:


كان أولها مشاعر الفرح ونشوة النصر لأنه تخلص من النظام السابق بأقل خسائر ممكنة،

دون إراقة المزيد من الدماء وتدمير المنشآت العامة منها والخاصة.


ثم جاءت مشاعر الحزن والألم لما شاهده على مواقع التواصل بخصوص السجون

التي كانت تقوم على تعذيب المعتقلين جسديًا ونفسيًا،

ومعرفته لما كان يحصل داخلها من قصص مأساوية أبطالها أبناء بلده وشعبها.


مشاعر الخوف والهلع سببها عدم التصديق لما حصل،

وأن التحرر من ذاك النظام مجرد حلم يراوده كل يوم منذ سنين،

وما يعيشه حاليًا ليس سوى أحلام اليقظة سيعود بعدها إلى ما سبق من فساد وقهر.


مشاعر صادمة من خذلان وخيبة، والتي أتت من اكتشاف حياة الرئيس السابق وعائلته

في ظل الحصار والحرمان الذي عاشه الشعب السوري خلال السنوات الماضية من تقشف وجوع. 


مشاعر الاستهزاء بالذات و جلدها لأنه عاش سنوات طويلة وراء الركض لتأمين لقمة العيش الضرورية

من خلال ما يسمى البطاقة الذكية، ومعاناته من فقدان حاجاته الأساسية من ماء وكهرباء وغاز…

بينما الرئيس وحاشيته كانوا يعيشون في قصور عشرة نجوم!


مشاعر الثأر والانتقام من شخصيات النظام السابق،

وخاصة الذين شاركوا في تعذيب المعتقلين وترهيب الشعب وإذلاله،

بالإضافة إلى المطالبة بملاحقة الرئيس الهارب لتقديمه إلى محاكمة دولية،

وإعادة جميع الأموال المسروقة إلى خزينة الدولة.


مشاعر القلق من المستقبل وما ستؤول إليه البلد من تغيرات مختلفة،

سواء كانت تغيرات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية… مما دعا ذلك إلى انتشار الأفكار السلبية

منها عدم الثقة بأعمال المرحلة الانتقالية والتسبب في الرجوع إلى الخلف.


مهام المواطن السوري بعد التحرير

من الطبيعي جدًا أن يحصل بعض الفوضى في المجتمع السوري خلال المرحلة الانتقالية،

وخاصة أن المواطن السوري كان يعيش في حالة كبت شديدة على جميع الأصعدة،

ثمّ أتت الحرية فجأة دون تحضيرات مسبقة لكيفية التعامل السليمة مع تلك المرحلة الهامة.


تقع على المواطن السوري مهام وطنية يجب العمل بها لإنجاح هذه المرحلة الانتقالية،

وهذه المهام تعتبر سهلة جدًا مقارنة للنتائج التي سيحصل عليها لاحقًا، أهم تلك المهام:


زرع المحبة والتآلف بين أبناء الشعب الواحد، واليقين بأن سوريا تسع الجميع من إسلام ومسيحية،

وتقبل كافة المذاهب الدينية والاجتماعية، وترفض الانحياز إلى فئة معينة دون الأخرى،

على أساس كل شخص يحمل الجنسية السورية له حقوق يتمتع بها وواجبات يقوم على أدائها

من أجل سمو البلد وتقدمها نحو الأفضل.


عدم حمل مشاعر الكراهية والبغض إلى بعض الفئات التي كانت تفضل الصمت عن التعبير برأيها،

وذلك لأسباب وظروف قاهرة كانوا يعيشونها في الداخل،

ومنهم الفنانين والشخصيات الاقتصادية وغيرها من الذين بقوا في سوريا.


 منح فرصة حقيقية للمسؤولين عن المرحلة الانتقالية بالعمل على التغيير اللازم

من أجل التخلص من كل المظاهر السيئة والقبيحة التي كانت تسود البلد،

ومساعدتها على تشكيل حكومة جديدة تفتح طريق التقدم من خلال تقديم النقد البنّاء الهادف،

وليس بإثارة الفوضى عبر المظاهرات العشوائية والتعامل بالأسلوب الساخر.


التعامل بذكاء مع مواقع التواصل الاجتماعي من خلال دعم التغييرات الإيجابية ومشاركتها عبر الصفحات،

والمحافظة على رباطة الجأش عن طريق القضاء على الشائعات السلبية التي تتناقلها بعض المواقع الفاسدة

والتي من شأنها تأجيج الفتنة وبث الرعب بين النفوس المتهالكة من أبناء الشعب السوري.  

 

الصبر ثم الصبر للوصول إلى المساعي المطلوبة،

فالفوضى التي كانت عائمة في الخمسين عام مضت لا يمكن تصحيحها خلال أيام أو في شهور!

المنظمات الحكومية بحاجة إلى تغيير بشكل جذري، ويتم ذلك خطوة بخطوة… مرحلة بمرحلة.


التوقف عن تمجيد شخصيات سياسية وتعظيمها من خلال تأدية الشعارات الخاصة لأحدهم دون غيره،

وتعليق صوره في كل مكان!

فكل شخص يعمل في مجال الدولة هو موظف حكومي مثله مثل أي موظف آخر لكن برتبة أعلى،

عليه واجبات يجب القيام بها لخدمة الشعب السوري وخدمة الوطن خلال فترة تعيينه في ذاك المنصب…

وأن شخصًا آخر سيأتي بعد انتهاء المدة المحددة، عن طريق قيام انتخابات نزيهة…

دعونا لا نقع في نفس الأخطاء السابقة.  


في النهاية… التغيير الحقيقي نحو الأفضل يبدأ من النفس،

من داخل كل مواطن سوري حر يهتم لبلده ويخاف عليها،

فلا نتوقع تغيير شامل ونظيف إن كان هناك شخصًا واحد فقط غير قابل للتغيير القومي

يحمل في قلبه براثن الأنانية والانتهازية والطمع …

سوريا الآن تحتاج لكل شخص شريف كي يساهم على بنائها وتطورها

نحو الازدهار العلمي، الثقافي، العمراني والتعليمي… الخ  

نحن الآن في عصر جديد وولادة حرّة، وعلينا أن نكون يدًا بيد كي نبني سوريا الحديثة.


للاستماع إلى المقال اضغط هنا

لقراءة باقي المقالات اضغط هنا

الإصدارات الأدبية للمؤلفة نور شحط

للمتابعة على قناة اليوتيوب


تعليقات