التواصل مع الغرباء | لغة الجسد وعلاقتها مع نظام التواصل الاجتماعي؟ | الحلقة (36) من كتاب شهد الوصايا

الحلقة السادسة والثلاثين من سلسلة اسمع صوت كتاب شهد الوصايا
مستمرة معكم في قسم التواصل مع الآخرين، وصلنا إلى فقرة التواصل مع الغرباء
في هذه الحلقة:

يعتبر الإنسان مخلوق اجتماعي بالفطرة، لذلك هو لا يقدِر على العيش وحيداً، ولا بدّ له من الانخراط مع أفراد المجتمع
يميل الإنسان إلى الخوف من الغرباء والنفور منهم، وغالبًا ما يكون لديه شعور غريزي بأن الغرباء مصدر خطر خارجي، خاصةً في ظل ما نعيشه اليوم في اختلاف البيئات الاجتماعية، وتعدد الجنسيات في مكان واحد! بسبب النزوح أو الهجرة التي تفرضها الظروف المعيشية لكل بلد…

ينشأ معظمنا على الخوف من الغرباء جرّاء ما يقوم الأهالي به من تنبيه مستمر على الاقتراب منهم أو التحذير من التعامل معهم، وهو الأمر الذي قد يبدو جيدًا لأسباب تتعلق بالسلامة من التحرش والأمن من عمليات الخطف…لكن عندما يستمرُّ هذا الخوف لمراحل متقدمة، فإن ضرره يتجاوز نفعه، قد يَحدّ هذا الخوف من عدد الأشخاص الذين تتفاعل معهم في حياتك اليومية، مما قد يسبب في جعلك انطوائيًا بعض الشيء، وغير متحمس لتكون منفتح على تكوين علاقات مع أشخاص جدد.

هناك أيضًا نسبة كبيرة يَجهلون كيفيّة التواصل المُثلى مع الناس، فتجدهم لا يُحاولون تعلّم مهارات التواصل والتدرّب عليها، بل يُفضلون الانعزال والابتعاد عن المُجتمع، وعن تجمّعات الناس بالرغم من أهميتها الطارئة في بعض الأوقات، لاسيما أن العلاقات البشرية ضرورية كيّ تتمّ من خلالها المصالح المتبادلة، وتتحقق الأهداف المرجوة، حيث أن الإنسان لا يستطيع القيام بأيّ عمل وحده دون الاستعانة بالآخرين من حوله…

إن أصعب جزء في التواصل مع الغريب يكمن في البداية، فقد تشعر بشيء من العصبية والحرج في بداية حديثك مع الغرباء، لكن بمرور الوقت وتكرار التجربة سوف يكون الأمر أكثر سهولة وسلاسة، إذ لا يحتاج الأمر إلا القليل من الجهد حتى تتمكن من تخطي حاجز الغرباء، والتواصل مع الآخرين بكل سهولة...

لكل شخص تجارب تعلّم منها خلال تواصله وتفاعله مع الناس من حوله كيف يستفيد من التحدث معهم في تطوير قدراته على خلق علاقات جديدة، وتجارب أخرى عرف من خلالها العلامات الدالة على عدم الراحة التي قد تحدث عبر التواصل.

تحتاج إلى بعض الثقة بقدراتك الشخصية والتدريب، فالأمر أولًا وآخرًا كما ذكرت في السابق قائم على مهارات الاتصال لبناء الثقة وجذب الانتباه إليك في حديثك مع الآخرين، مؤكد أنت بشكل مبدئي تتمتع بالعديد من المزايا التي تؤهلك لإجراء حديث شيق مع الآخرين ولكنك فقط لا تعرف من أين تبدأ…

الابتسامة تساعد على كسر الحاجز النفسي بينك وبين من تتحدث إليه، وتجعلك قادر على ترك انطباع بأنك شخص ودود…

إن كلمة مرحبا أو السلام عليكم أو أي تحية أخرى تقربك خطوات من الغرباء، فإن نجحت في تخطي تلك العقبة ستجد أن التعامل سيصبح أسهل بكثير…

الصمت جميل وبليغ، لكن عندما تقف أمام أحد بعد التعارف به، وتكتفي بالصمت دون أن تنطق أي حرف أو كلمة، يتحوّل تلقائياً من كونه بلاغة، إلى بلاهة تدل على خلل في نظام التواصل الاجتماعي لديك!

من الأخطاء التي تُرتكب أثناء التواصل مع الناس ولا سيما الغرباء منهم، خسارة اللحظة الأولى من الموقف
يُحب الناس سماع عبارات المجاملة، فإن كنت تريد التواصل مع الآخرين قل لهم عبارات رقيقة صادقة كي تحصل على إعجابهم، ولا تحاول تصنع شيء ما أو المبالغة فيه!

بإمكانك أيضًا أن تطرح عليهم بعض الأسئلة، فَالأسئلة من الطرق الرائعة لإشراك الآخرين في المحادثات، كما أن طرح الأسئلة القصيرة على الغرباء يجعل ثقتهم بك تزداد، كذلك من خلال نوع الإجابات يمكنك التعرف على شخصية الآخرين ونمط تفكيرهم.

كما أنه من الضروري أن تقرأ تعابير وجوه الآخرين وحركات أجسادهم، فبمجرد انتباهك للغة الجسد يمكنك التعامل مع الآخرين وفقًا لما يبدونه من مشاعر، وعليك الاهتمام بلغة جسدك أنت أيضًا؛ فإن كنت منزوي في ركن بعيد عاقد ذراعيك، لن يحاول أحد ما فتح حوار معك.!

المحافظة على نبرة الصوت المناسبة لكل حديث، وعدم انتهاك المساحة الشخصية وتجنب احتكار الكلام لصالحك بل عليك تبادل أطراف الحديث، ولا تشارك الكثير من معلوماتك الشخصية، وامنح مَن حولك فرصة التحدث.

يكمن المفتاح الصحيح للتواصل مع الغرباء في إجراء محادثة جيدة واعطائك الفرصة للطرف الآخر للتحدث أيضًا وإبداء رأيه فيما تقول...

إن كنت ترغب في بناء علاقة جديدة مع شخص تعرفت عليه حديثًا عليك تجنب الخوض بالحديث في مواضيع تخص الدين، فقد يصل إليه الإحساس بأنك متعصب أو العكس، كذلك ابتعد عن الأحاديث السياسية التي بمقدورها أن تبدد العلاقة الأخوية وتفرق بينهم بكل سهولة فما بالك عن التواصل مع الغرباء!

مهما كانت ظروفك التي تمر بها عليك مراعاة شعور الآخرين على ما تقوله أو تفعله، فهم ليسوا مجبرين على تحمل مزاجك السيئ... كل فرد منا عليه أن يحكم السيطرة على أدائه في جميع المواقف التي يتعرض لها.

الله تعالى أكرمنا بنعمة العقل حتى نميز الخطأ من الصواب، ونعرف الحقوق التي نملكها وَالواجبات المتحتمة علينا ونحاول أن نترك أثر طيب لنا على هذا الكوكب.

السيرة الشخصية لكل واحد منا لها عمر أطول من العمر الحقيقي الذي نعيشه في الحياة.

انتهت الحلقة السادسة والثلاثين من كتاب شهد الوصايا.

 لسماع حلقات الكتاب كاملة على قناة اليوتيوب 

 اضغط هنا 

 شهد الوصايا كتاب تخصصي في بناء الذات، يهتم بمهارات التواصل

من إصدارات الأديبة والكاتبة الروائية نور شحط

للقراءة اضغط على رابط تحميل الكتاب 

شهد الوصايا من إصدارات مؤسسة هبة بنداري للتنمية الثقافية