مشروع زراعة الأفكار والتحكم بعقول الآخرين | البصمة الفكرية | الحلقة (12) من كتاب لمبة واحدة لا تكفي


الحلقة الثانية عشر من سلسلة اسمع صوت كتاب لمبة واحدة لا تكفي
نتابع معًا قراءة قسم تعليب الأفكار
في هذه الحلقة:

لكل واحد منا بصمته الفكرية، مثلها مثل بصمة أصابع اليد أي هي بصمة خاصة لكل شخص
ولا يمكن وجود بصمة متطابقة تطابق تام مع شخص ثاني في كل العالم ….

هناك فئة من الأشخاص إما منظمة أو مدرسة أو دولة أو مجتمع أو حتى أسرة تمارس هذا النوع من الأعمال
-غسيل الأفكار أو الدماغ- على فئة أخرى خلف مسميات مختلفة مثل تدريس، تربية،
تدريب أو تأهيل أو ربما مجرد تسلية لا أكثر….

ظهر حساب على التِيك توك منذ فترة وجيزة اسمه "مستكشف المريخ" الذي أوهم الكثير من الناس
أن صاحبه يعيش على كوكب المريخ من خلال نشر فيديوهات مزيفة تحوي صور لصخور وأحجار
مع مؤثرات صوتية وفلاتر تجعل المرء يصدق تلك الخدعة!

مهما كانت الآلية التي تعمل عليها عملية غسيل الدماغ، يبقى هدفها واحد وهو السيطرة على الشخص
والتحكم بأفكاره وأفعاله عن طريق زرع فكرة معينة في عقله لتثمر فيما بعد.

هناك مثلا أفكار ومعتقدات رسخها الأجداد في عقول المجتمع الشرقي تقول:
"تزوج قبل أن تكبر واجلب أولاد قبل أن تضعف"
الكثير من أفراد المجتمع العربي وخاصة مجتمعات البدو والقرى عشعشت تلك الفكرة في دماغهم،
فما يزال الفرد فيهم يرغب بالزواج باكرًا نوعًا ما بالمقارنة مع غير مجتمعات.

فكرة تأجيل مشروع الزواج في باقي المجتمعات إلى ما بعد عمر الثلاثين والأربعين بدأت تأخذ حيزًا
لا بأس به في أفكار فئة كبيرة بين أفراد المجتمع المتحضر،
وخاصة الطبقة العصامية التي تبني نفسها بنفسها دون الاعتماد على مساعدات الأهل بليرة واحدة.
في حين أن أفراد المجتمع الغربي والشرق الأقصى يركنون فكرة الزواج على آخر رف من رفوف الخطط المستقبلية.

يكتفي معظم الأزواج بعدد واحد من الأطفال ليصبوا كامل اهتمامهم عليه
وفي حالات نادرة ينجبوا طفلان، وذلك لسببين أولها:
أن مسألة التفريق بين الذكور والإناث لا وجود لها عندهم، فكلا الجنسين يمتلكان ذات الحقوق...
وثانيها: هم يعلمون أن أطفالهم ليسوا ملكًا لهم فقد يبتعدون عنهم في أقرب فرصة تسنح لذلك…

تندلع المشاحنات بين الأهل والأولاد جراء الأفكار المحشوة في عقول الآباء من قبل آبائهم،
فإما أن تهرب الأولاد إلى غير رجعة بعيدًا عن أهلهم،
أو يستسلموا لأفكار الأهل خوفًا من اقتراف المعصية بسبب عقوق الوالدين
كما يتهمونهم بها الأهل إن فعلوا عكس ما يرغبون.

مع مرور الأيام تغيرت الأحداث ولم تعد أفكار الماضي التي زرعوها الأجداد في عقول الآباء تثمر،
وأفكار اليوم لا تجدي نفعا كما الأمس، هناك تغيرات حصلت على المجتمع.

عمل كل فرد من العائلة كي يستطيع المشاركة في مصروف المنزل أو سد المصروف الشخصي على الأقل دون الاعتماد على فرد آخر في الأسرة، مما أدى إلى عملية تغيير جذرية لطريقة التفكير.

قد يمارس شخص واحد على شخص آخر آلية غسيل الدماغ دون أي تبرير أو شرح لما يحصل!

هناك الكثير من الأزواج من أصحاب الشخصية النرجسية يمارسون آلية غسيل الدماغ مع زوجاتهم
بدافع حب السيطرة والتملك أو ربما بدافع الغيرة من نجاحها أكثر من الغيرة عليها.

قد لا تستطيع الزوجة تغيير الوضع لعدة أسباب فتقوم إما على الخضوع لأفكار الزوج وتأييدها
أو تفعيل خاصية المجاملة بأنها توافقه الرأي والتفكير كي تختصر عليها الجدال ووجع الرأس
ثم تفعل ما يحلو لها ويشغل تفكيرها دون علمه…
هذا الأسلوب في التواصل بين الزوجين غير سليم ومرفوض لكن للأسف موجود!

إن مفهوم غسل الدماغ يأتي في إطار استبدال ما في داخل العقل من أفكار بأفكار أخرى غيرها
قد تكون صحيحة وهدفها نبيل، وقد تكون مغلوطة هدفها خبيث.
انتهت الحلقة الثانية عشر من كتاب لمبة واحدة لا تكفي.


  لمبة واحدة لا تكفي

كتاب تنمية نال مرتبة التميز في مسابقة مؤسسة هبة بنداري للتنمية لعام 2022

من أجل القراءة رابط التحميل المباشر

لسماع الكتاب على قناة اليوتيوب اضغط هنا 

الكتاب من مؤلفات الأديبة والكاتبة الروائية نور شحط

يمكنكم طلب الكتاب من موقع نيل وفرات لبيع الكتب اون لاين  

 الكتاب من إصدار دار واو للنشر والتوزيع في مصر.    

تعليقات