التفكير قبل التغيير، فليس كل ما يلمع ذهبًا! أفكار غريبة في الحلقة (22) من كتاب لمبة واحدة لا تكفي


الحلقة الثانية والعشرين من سلسلة اسمع صوت كتاب لمبة واحدة لا تكفي
أتابع معكم قراءة قسم صراع العقول
في هذه الحلقة:

القيام في ممارسة تطبيع اجتماعي على ظواهر عديدة نعيشها كل يوم،
لدرجة أننا نراها طبيعية وهي غير ذلك أبدًا وبعيدة كل البعد عن الطبيعة.

هنالك الكثير حيال التطبيع السلبي ما دام الواحد منا يهتم بمصلحته الشخصية فقط
ويعمل تحت شعار ما دمت أنا بخير فالكل بخير،
حيثما مقولة الواحد للكل والكل للواحد لم يعد لها حضور، ولا حتى بين صفحات الرواية!

العادات الاجتماعية المتوارثة قريبة إلى حد ما إلى التطبيع
لأنها أيضا تحصل بعد ممارسة أو فعل يقوم به مجموعة من الأفراد في وقت معين وتحت ظرف محدد
يتحول فيما بعد إلى تصرف طبيعي على أن تكون تلك المجموعة الأغلبية الساحقة في المجتمع ولها تأثير مباشر عليه..

علينا الانتباه والتفكير قبل التشجيع والثناء أو المشاركة في أي تغيير يطرأ على المجتمع
حتى لو كانت الشريحة المثقفة منه أو الجماعة الدينية تمارس ذاك التغيير.

ليس كل ما يلمع ذهبا ومضمون بعض الأفكار ليس كما يبدو...
هناك بعض الجهات المتطرفة تحاول إخراج المارد المتوحش المخبأ في الداخل من خلال زرع أفكار عنصرية
وإحياء قصص مدفونة في التاريخ كانت السبب في اندلاع الحروب عبر الزمن.

تصرفات مكررة ليست إلا تقليد ملحوظ في الوسط الذي نعيش داخله،
سواء تقليد محلي أو مستورد من الخارج عبر وسائل التواصل الموجودة في كل أسرة والمتداولة بين الأيادي.

معظم عقول الشباب تتمسك بالتفاهة والوضاعة لدى الأشياء الجديدة فتقوم على تقليدها وتترك القيمة منها والجيدة!
أخطر ما يفعله بعض دعاة الحرية الشخصية ممن يحاولون نقل طريقة الحياة الغربية كما هي،
مثل المجاهرة بالمثلية الجنسية، ونشر الزنا عبر المساكنة الغير شرعية واللعب بعقول الشباب
على أنها حق لكلا الطرفين قبل الزواج.

في الطرف المقابل هنالك بعض المتشددين دينيًا ممن يحاولون نقل الماضي الغابر كما هو قبل عقبة التطور!
لا بأس إن قام المرء بمحاولات يكرر فيها ما قام غيره سابقًا في تسيير أموره في الحياة،
لجعل حياته أفضل وذلك عن طريق الاستفادة من تجاربهم والاطلاع على النتائج التي بلغوها ضمن ما يسمى العمل بأسلوب المحاكاة.

التقليد الأعمى يلحق الضرر أكثر من الفائدة وخاصة على الأمد البعيد.

ثمة فرق بين التقليد والمحاكاة، فالمقصود بالمحاكاة محاولة الوصول إلى جوهر الشيء
واستخلاص ما يتناسب مع الوضع الراهن من خلال طريقة أو أسلوب بديل لتقريب الموضوع إلى العالم الواقعي
الذي يصعب توفيره بسبب التكلفة المادية أو الموارد البشرية.

أسلوب المحاكاة استخدم منذ حوالي 3000 سنة قبل الميلاد في الصين عبر أول لعبة محاكاة في تاريخ البشرية
وهي لعبة الشطرنج والتي كانت تهدف إلى التدريب على المناورات العسكرية.

جذور لعب المحاكاة ترجع إلى بداية الحضارة اليونانية،
أظهر أفلاطون وغيره من الفلاسفة اليونانيين أهمية تقليد المواقف الحياتية من خلال التدريب عليها،
فكان بذلك الدور الرئيسي في تنمية العقل واتجاه التفكير نحو أهمية العلم في نمو الحضارات.

العمل الفعلي بالمحاكاة بدأ منذ منتصف الستينات من القرن العشرين،
حيث ازداد الاهتمام بها كطريقة مناسبة وفعالة في جميع المجالات وخاصة بعد ظهور الحواسيب.

حديثًا يتم استخدام المحاكاة في الألعاب الإلكترونية المنتشرة على الانترنت حيث يتم تنزيلها للعلب بها بكبسة زر.

أما التقليد فهو محاولة نقل شيء بحذافيره، وهو أسلوب موجود بشكل كبير وملحوظ في المجتمع الشرقي.

بدأ هذا النمط من الحياة منذ عصور قديمة ونمت عليه الأجيال حتى اعتادت عليه،
وقد يصل التقليد إلى مرحلة التقديس، وأي معارضة له يعتبر تمرد وثورة!

التقاليد المتوارثة التي تنهك المرء نفسيًا وجسديًا وماديًا سواء عند تنفيذها بلا أي اعتراض أو تجاهلها لعدم قناعته بها...

أي تقليد سلبي حديث يقوم به الأفراد حاليًا سيصبح قديمًا مع مرور الوقت ليكون تقليدًا من أحد التقاليد يومًا ما.

يجب التفكير ألف مرة قبل تحويل أي تقليد إلى عادة، فليس كل التقاليد والعادات تناسب الجميع!
هناك دائمًا ظروف اجتماعية وبيئة محيطة تلعب دورًا مهمًا في رسم نمط الحياة وأسلوب العيش.

يوجد تقاليد قديمة تحولت إلى عادات سيئة فيما بعد، وهي بحد ذاتها أثقال تعيق وصول التفكير السليم
إلى جوهر الموضوع مما يسبب إعاقة التفاعل مع العلم والشريعة.

تمر أمامنا إشارات تخبرنا أن أمر غير سليم أو غير منطقي نواجه،
هنا تكمن الفراسة والحنكة عندما نستطيع فهم تلك الإشارات ثم الانسحاب بذكاء وعقلانية.

حان الوقت للتفكير بمنطقية ووعي لنرمي هذا العبء من التقاليد السيئة خلفنا.

الحب وحده لا يكفي حين تقف الظروف ضده في مواجهة الواقع،
الحياة كفيلة بأن تقدم لنا المعارك لاختبار قوة ذاك الحب.
انتهت الحلقة الثانية والعشرين من كتاب لمبة واحدة لا تكفي.


  لمبة واحدة لا تكفي

كتاب تنمية نال مرتبة التميز في مسابقة مؤسسة هبة بنداري للتنمية لعام 2022

من أجل القراءة رابط التحميل المباشر

لسماع الكتاب على قناة اليوتيوب اضغط هنا 

الكتاب من مؤلفات الأديبة والكاتبة الروائية نور شحط

يمكنكم طلب الكتاب من موقع نيل وفرات لبيع الكتب اون لاين  

 الكتاب من إصدار دار واو للنشر والتوزيع في مصر.      

تعليقات