حقيقة ظاهرة التخاطر | التنويم المغناطيسي وتأثيره على العقل البشري في الحلقة (29) من كتاب لمبة واحدة لا تكفي



الحلقة التاسعة والعشرين من سلسلة اسمع صوت كتاب لمبة واحدة لا تكفي
متابع لقراءة قسم التفكير الخادع
في هذه الحلقة:

ظاهرة التخاطر المعروفة بقدرة التواصل عن بعد بين شخصين من خلال الأفكار،
لاقت اهتمام ومتابعة كثيفة على مواقع التواصل وفتحت من أجلها صفحات ومجموعات تحمل اسم "علم التخاطر"
حتى بات فئة كبيرة من الناس يتحدثون بها على أنها علم حقيقي ثابت يُدرّس منذ عصور قديمة!

وهو لا يتعدى أن يكون أمر زائف يعتمد على الأفعال وردود الأفعال بشكل أولي،
ثم على شيء اسمه "صدفة".

معظم علماء النفس وعلماء الأحياء يعتبرون أن الدلائل التي تتبنى ظاهرة التخاطر
ليس لها أي قيمة من الناحية العلمية، ولا يوجد إلى الآن دليل علمي واحد يدعم فكرة وجود قدرات حسية فائقة!

عدم امتلاك نتائج ثابتة تنفي تلك الظاهرة من خلال الأبحاث جعلت التخاطر أمر غامض يدعو إلى الشك والريبة.

الإيمان الشديد بتلك الظاهرة هو نتيجة أوهام شخصية لا أساس لها في المنطق العقلاني والعلمي.

الكلام الكثير حول تلك الظاهرة أعطاها ألقاب وأسماء كثيرة منها الاتصال الذهني والتواصل الروحي.

لم ينجح التخاطر بوضع قانون واحد مادي يفسر كيفية حدوث تلك الظاهرة وفق ظروف
أو معطيات معينة للحصول على نتائج حتمية!

حبذا لو انشغلنا بدراسات علمية واكتشافات مفيدة تخدم البشرية لكان أفضل بكثير من هدر الوقت والطاقة الفكرية
في متابعة كيفية ارسال رسائل عن طريق الأفكار!

وبمتناول الأيدي جهاز محمول ذكي يمكنه إرسال أي رسائل تشاء بكبسة زر.

ليس من الضروري أن يكون الجميع على رأي واحد ومتفقين بطريقة التفكير،
لكن مهم جدًا وضروري أن نسأل أنفسنا دائمًا: إلى أين نذهب عبر طريقة تفكيرنا؟

هل التنويم المغناطيسي حقيقي أم مجرد خرافات؟ وما مدى تأثير استخدامه على العقل البشري؟

التنويم المغناطيسي أو ما يدعى التنويم الإيحائي يندرج تحت علاج علم النفس،
وهو أكثر العلاجات التي أثارت الجدل من بداية اكتشافه حتى استخدامه إلى وقتنا الحاضر...

التنويم المغناطيسي عبارة عن حالة ذهنية صافية لتلقي الإيحاءات من شخص مقابل،
بينما الجسد في حالة استرخاء كاملة كي تتم العملية بنجاح ويتقبل الذهن كل ما يقال أمامه ويتفاعل معه.

جميعًا يتعرض لمثل تلك العملية بشكل طبيعي!
تدخل معها مرحلة اللاواعي، والتي تندرج تحت مسمى النوم الإيحائي،
تشعر معها أنك سافرت بذهنك بعيدًا عن الزمان والمكان بينما جسدك في حالة سكون،
ثم تستعيد وعيك بعد مضي فترة زمنية.

وهذا لا يعتبر نوم عادي بل هو حالة تفصلك بين الوعي عن اللاوعي،
وهي تشبه كثيرًا عملية التنويم المغناطيسي لكن يبقى هناك اختلاف بسيط بينهما،
حيث التنويم المغناطيسي يوجد شخص وسيط يقوم على تلقينك الإيحاءات من خلال الحديث أمامك،
وذلك بهدف التأثير على عقلك الباطن.

هناك حالات نادرة ساعد التنويم المغناطيسي المريض على التحكم بشكل أفضل في حالة الوعي لديه..
إلا أن له أعراض جانبية حدثت بعد الاستيقاظ منها الصداع وعدم الاتزان الكلي،
وبعض المخاطر مثل خلق ذكريات زائفة لا وجود لها أو مسح ذكريات مخزنة.

الشخص الذي يقوم بعملية التنويم هو شخص عادي لكنه يملك أسلوب إقناع مميز ومهارة في الحوار لا أكثر!

يصنع قوة جذب كالمغناطيس بنبرة صوته وهدوءه، ولذلك الاسم المتعارف عليه هو التنويم المغناطيسي!
هو شخص يعرف كيف يقود الرحلة، وأنت أمامك خياران إما الاستسلام والانجذاب له،
فتكون تحت سيطرته وتسمع كل الإيحاءات التي يطلبها منك بكل بساطة،
لأنك فقدت السيطرة على عقلك الخارجي وأصبحت تسبح في بحور اللاوعي!

أو تختار الخيار الثاني وهو عدم تصديق القصة من البداية، هنا عقلك الواعي يرفض أي عملية خضوع
أو تسليم لعقلك الباطن ويقاوم كل ما يفعله المنوم الوسيط، فتفشل عملية التنويم الإيحائي
مهما كان الشخص المنوم ماهر في أدائه!

الصور المشوهة عن التنويم المغناطيسي في البرامج التلفزيونية والأفلام
والتي ارتبطت بفقدان قوة الإرادة وضبط النفس،
جعلت الناس تقلق بشأنه وتخاف من القيام باستخدامه مهما كلفهم الأمر.

الحصول على دليل علمي ذو قيمة عالية على صحة التنويم المغناطيسي يعتبر ضرب من التحدي،
إذ تعتمد العملية كليًا على الإيحاء مما يجعل عمل دراسة علمية من المهمات الصعبة بل شبه مستحيلة!
إلا إذا اقترنت مع تأثير العلاج الوهمي الذي يتم عبره التنويم الإيحائي.

الحقيقة أنه لا يمكن تصنيف ذاك العلاج تحت مصنفات العلاج السريري المرتبط بالعقاقير الطبية،
إلا أنه أحيانًا يلجأ الطبيب السريري أو المختص إلى الإيحاء للمريض في بعض الأمراض التي تستدعي ذلك
كي يعطي العلاج الطبي مفعوله في الجسم.

إذا لم يتقبل عقلك الباطن أي من الإيحاءات الخارجية سواء عن طريق التنويم المغناطيسي أو من أي جهة أخرى
لن يتفاعل جسدك معها، بل ويتم محاربتها على أنها عدو مدمر،
فغالبًا يرتبط شفاء الجسد بشفاء الذهن، والاتصال بين العقل والجسد حقيقة لا مفر منها.

انقسمت الآراء حول موضوع التنويم المغناطيسي إلى قسمين،
القسم الأول وهم الأقلية يرى العملية ليست إلا محض خرافة باعتبار أنها صناعة العقل الباطن

بينما القسم الثاني يرى أن التنويم المغناطيسي ظاهرة حقيقية،
كونه يوجد إنجازات باهرة في علم النفس جراء استخدامه،
ولا أحد يمكنه تجاهل أن التنويم المغناطيسي حل محل التخدير لإجراء العمليات الجراحية في القرن التاسع عشر!

مفتاح نجاح آلية عمل التنويم المغناطيسي تكمن في استناده على سير الوظائف العصبية للجسم البشري.
الفكرة كما الخطوة، تحتاج أرض صلبة كي تقف عليها بثبات.
انتهت الحلقة التاسعة والعشرين من كتاب لمبة واحدة لا تكفي.


  لمبة واحدة لا تكفي

كتاب تنمية نال مرتبة التميز في مسابقة مؤسسة هبة بنداري للتنمية لعام 2022

من أجل القراءة رابط التحميل المباشر

لسماع الكتاب على قناة اليوتيوب اضغط هنا 

الكتاب من مؤلفات الأديبة والكاتبة الروائية نور شحط

يمكنكم طلب الكتاب من موقع نيل وفرات لبيع الكتب اون لاين  

 الكتاب من إصدار دار واو للنشر والتوزيع في مصر.         

تعليقات