في زمن المشاركة هل نحتاج لإعادة تعريف الخصوصية؟ نشر الخصوصية على مواقع التواصل الاجتماعي


ي زمن المشاركة هل نحتاج لإعادة تعريف الخصوصية؟
ي زمن المشاركة هل نحتاج لإعادة تعريف الخصوصية؟


أحضان وقُبلات بين المتزوجين وحركات مشبوهة تُعرض على مواقع التواصل وكأنها أمور عادية تحدث!
عندما تُقاس القيمة بعدد المتابعين، وتُختزل فيه الذات من خلال منشور أو صورة، برز الحاجة لإعادة التفكير في مفهوم الخصوصية. 


الخصوصية في زمن المشاركة مفهوم تغير معناه في العصر الرقمي  

في هذا المقال أسئلة كثيرة تدور حول الخصوصية ونشرها على مواقع التواصل!

لقد أصبحت الحياة في عصرنا تُعرض على الملأ بضغطة زر، فباتت الخصوصية عملة نادرة، بل وأحيانًا تبدو غير مألوفة في عالم يغص بالأمور الخاصة التي تُعرض على العلن. 

في العلاقات الزوجية يُصبح نشر الخصوصية أكثر تعقيدًا، بعض الأزواج يشاركون مقاطع مصورة تظهر فيها يومياتهم سواء داخل المنزل أو خارجه بشكل غير لائق، ربما بدافع الحب أو الفخر أو بدافع المقارنة أو إثبات الاستقرار.


الخصوصية الزوجية في صناعة محتوى الاستعراض

ومواقع التواصل الاجتماعي فقدت وظيفتها الأصلية، حيث أضحت منصات تكشف كل ما يخص المستخدم من مشاعر وتحركات.... فهل نُشارك الحب لمجرد المشاركة، أم نعرضه لغايةٍ ما؟ 

نحن نعيش في مجتمع شرقي تحكمه العادات والتقاليد التي تحافظ على خصوصية الفرد، وما يحدث في المجتمعات الغربية والأجنبية لا يمكن تقليده بكل بساطة دون أي تفكير بالعواقب! فهل فقدنا السيطرة على حفاظ الخصوصية؟


يجب مراعاة أن المنشورات التي ينشرها المتزوجون بصورة مخلّة للآداب تصل إلى فئة كبيرة من المراهقين، فتحرك غرائزهم الجنسية وتزرع في عقولهم فكرة الإباحة في العلاقات الخاصة وعرضها بشكل علني… 
ولا ننسى مشاعر فئة الأشخاص العازبة الغير مرتبطة عاطفيًا، حيث تؤثر مثل تلك المنشورات على صحتهم النفسية بشكل سلبي جراء الحزن لعدم وجود شريك عاطفي في حياتهم.


الخصوصية هنا ليست فقط حماية العلاقة، بل احترام حدود الآخر 

ما عدا ذلك ألا يخاف المتزوجون من الإصابة بالعين؟ 

هناك أشخاص تحمل حقد دفين في شخصيتها  لأسباب نفسية، ولا ترغب بأن يكون الآخرين على وفاق في العلاقة العاطفية، وتلك المنشورات الخاصة التي يظهر فيها مقاطع الحب والانسجام كفيلة بأن تصيب أصحابها بالحسد بعدما يراها المئات الآلاف من الغرباء.


ولا بد من تنبيه المتزوجين الذين يشاركون اللحظات الحميمة إلى أمر مهم جدًا، نتج عن تكرار تصوير عدة لقطات ومحاولات مستمرة حتى يبدو المقطع بمظهره النهائي، فالمنشور الذي تم مشاركته ليجذب الألوف من الإعجاب والتعليقات، يؤدي  إلى  ضياع القيمة الحقيقية للمشاعر العاطفية، أي تتحول الحياة الزوجية إلى مقاطع تمثيلية يقومون على تصويرها، في حين يبقى الواقع مجرد أيام جافة تمر دون أي عواطف مشتركة.  


الخصوصية مسؤولية جماعية لا يمكن العبث بها
الخصوصية كذلك لا تتعلق بالفرد نفسه فقط، بل بالآخرين أيضًا، عندما نُشير إلى أصدقائنا في الصور، أو نشارك قصصهم، نكون لسنا أمناء على خصوصيتهم، لإن نشر الصور العائلية دون إذن يُعد انتهاكًا للخصوصية.
الاحترام يبدأ بالسؤال: 
هل يوافق الآخر على أن يُعرض جزء من حياته أمام جمهورك؟
وهل نُراعي مشاعر الطرف الآخر حين نُظهره أمام جمهور رقمي؟


الأطفال كذلك ليسوا محتوى للعرض والمشاركة

نشر صور الأطفال وتفاصيل المناسبات العائلية، أو حتى الخلافات الأسرية، أصبح شائعًا، لكن هذا الانكشاف يُثير تساؤلات أخلاقية: 

هل يحق للوالدين مشاركة حياة أبنائهم دون موافقتهم؟

هل نُدرك أن هذه الصور قد تبقى للأبد، وتُستخدم خارج السياق؟

الخصوصية العائلية تتطلب وعيًا مضاعفًا، لأننا لا نُشارك أنفسنا فقط، بل نُشارك من لا يملكون صوتًا رقميًا بعد.


لماذا تتم مشاركة الخصوصية رغم المخاطر؟
الرغبة في القبول تدفع بعض الأفراد لمشاركة الأمور الخاصة لجذب الأنظار، فتقوم المنصات على تغذية هذه الحاجة النفسية عبر زيادة الإعجاب والتعليقات، وتلك التفاعلات تمنح شعور بالوجود حتى لو كان بشكل مؤقت.


الخصوصية هنا تُصبح عائق أمام رغبة داخلية في الظهور والانكشاف، يقف خلفه مجتمع رقمي يدعم الإفراط ويشجع على المشاركة بكل التفاصيل الخاصة. 

المشاركة تغذي الشعور بالانتماء أكثر، لكن هذا الانفتاح له ثمن بالتأكيد، صورة من مكان العطلة قد تثير إعجاب الأصدقاء، لكنها أيضًا تُخبر الغرباء أنك بعيد عن المنزل، منشور عن مشاعرك قد يُشعرك بالراحة، لكنه قد يُستخدم لاحقًا ضدك في سياقات مهنية أو اجتماعية. 

كثيرون يشاركون تفاصيل دقيقة عن حياتهم الخاصة دون إدراك أن المحتوى الرقمي لا يتم السيطرة عليه بسهولة،

وأنه قد يُستخدم لاحقًا في سياقات غير متوقعة.


 الخصوصية تتحول إلى استراتيجية، لا مجرد خيار
كل مشاركة تحمل في طياتها مقايضة، فكلما أعطيت جزءًا من حياتك تحصل على تفاعل، قبول، وربما شعور بالانتماء، لكن هذه الصفقة ليست دائمًا عادلة.
مشاركة الصور، المواقع، والمشاعر قد تمنح شعورًا بالتحقق، لكنها تُعرّض صاحبها للتأويل، التطفل، أو حتى الاستغلال. 
الإفراط في مشاركة تفاصيل الحياة قد يُجهد العلاقات ويُربك الحدود.


في عالمٍ يُكافئ الكشف ويشجع الانفتاح، قد تكون الخصوصية فعلًا ثوريًا

أن نختار الصمت، أن نُبقي بعض اللحظات لنا وحدنا، أن نُعيد رسم حدود الذات في فضاءٍ لا يعترف بالحدود، وفي زمنٍ تُقاس فيه القيمة بعدد المتابعين، هل نملك الشجاعة لنختار الغياب؟
أم هل المنصات الرقمية أعادت تشكيل مفهومنا للخصوصية؟


  للاستماع إلى المقال اضغط هنا

لقراءة باقي المقالات اضغط هنا

الإصدارات الأدبية للمؤلفة نور شحط

للمتابعة على قناة اليوتيوب  

تعليقات